استهداف الحوثيين للموانئ اليمنية.. الدلالات والسيناريوهات

استهداف الحوثيين للموانئ اليمنية.. الدلالات والسيناريوهات

أحد, 1 يناير, 2023

7 دقيقة / دقائق قراءة

حضرموت - محمد بارباع : 
عقب انتهاء الهدنة الأخيرة القاضية لوقف الاقتتال في اليمن تجرأت جماعة الحوثي الموالية لإيران ولأول مره منذ اندلاع الحرب الجارية على قصف موانئ تصدير النفط اليمنية الى مختلف دول العالم هذا الاستهداف اعتبره مراقبون سابقة خطيرة  ستكون لها تأثيرات سلبية على العالم ،فقصف الموانئ اليمنية يعني استهداف استقرار الاقتصاد في المنطقة والعالم الذي يعيش ظروفاً مهترئة نتيجة تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا ،وتزامن الاستهداف الحوثي مع رغبة دول منطقة الخليج العربي العمل على تهدئة الأجواء الأمنية المضطربة بهدف استمرار نجاح النسخة الثانية والعشرين لفعاليات كأس العالم المنعقدة في دولة فطرحتي الثامن عشر من ديسمبر المقبل "منصةb+"،  عن دلالات استهداف الحوثيين لموانئ تصدير النفط اليمنية ومن أوعزهم للقيام بذلك وماهي السيناريوهات المحتملة في حال استمر الحوثيون بقصف الموانئ.

حرب اقتصادية : 
تأثرت عمليات انتاج وتصدير النفط بالحرب التي اندلعت في اليمن العام 2015 حيث أن أزيد من 18 شركة أميركية وفرنسية وكورية توقفت عن استكشاف واستخراج البترول، كما توقفت الأنشطة الإدارية المرتبطة بالقطاع النفطي لتلك الشركات الأمر الذي أدى الى انخفاض حاد في الإنتاج إلى أقل من 100 ألف برميل في اليوم بدلا من 200 ألف برميل يوميا وهو اجمالي ما كانت تنتجه اليمن قبيل اندلاع الحرب الجارية بحسب احصائيات رسمية.
بالمقابل استمر عمل قطاعات نفطية أخرى سعى القائمون على ادارتها مواجهة الصعوبات التي احاطتهم، ومن بين تلك القطاعات، قطاع المسيلة في حضرموت وقطاع مأرب، وقطاع جنة بمحافظة شبوة، وعلى الرغم من ذلك فإن قطاع النفط اجمالاً، كان يعاني من هبوط حاد في الإنتاج والتصدير بسبب الفساد الذي ضل يرافق الحكومات المتعاقبة في الحكومة اليمنية خلال فترة الحرب الجارية.
لليمن ثلاثة موانئ هامة لتصدير النفط والغاز استمر عملها خلال فترة الحرب الجارية أولهما ميناء رأس عيسى على ساحل البحر الأحمر بمحافظة الحديدة ويقع تحت سيطرة جماعة الحوثي والميناء الثاني بلحاف الواقع في محافظة شبوة على ساحل البحر العربي لليمن بين مدينتي عدن والمكلا.

والميناء الثالث هو الضبة أو” الشحر” وهو الميناء الرئيسي في محافظة حضرموت وتبلغ مساحته قرابة 1790000 متر مربع دون النقطة العائمة للتحميل.
وميناء الضبة يستخدم لتصدير خام المسيلة والأنواع الأخرى في قطاع شرق شبوة وحواريم. ويقع الميناء على الساحل الجنوبي الشرقي لليمن على بحر العرب، ويبعد عن المكلا حوالى 15 كم شرقاً، وعن مدينة عدن حوالى 426 كم،ويُشغل الميناء مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية.
وبعد أن وصلت مؤشرات التعافي الاقتصادي في اليمن الى مستويات متدنية بسبب تعطل عشرات الحقول من بين 106 حقل نفطي في مناطق الامتياز، أخذت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على عاتقها النهوض بقطاع صادرات النفط الخام الذي تعتمد عليه في دعم ميزانيتها بنسبة 70بالمائة.، وكانت وماتزال المصدر الذي يدُر على الخزينة العامة للدولة مليارات الدولارات.
كانت أولى خطوات النهوض هي إعادة تشغيل الحقول والموانئ المعطلة الخاصة باستخراج وتصدير النفط في محافظات مأرب والجوف وحضرموت وشبوة.
في 13 يناير 2021، افتتح محافظ شبوة محمد صالح بن عديو المرحلة الأولى من مشروع ميناء قنا النفطي والتجاري الواقع في الشريط الساحلي بمديرية رضوم، بمساحة (34,800,000) متر مربع، حينها تم تدشين عملية تفريغ أولى الشحنات النفطية الواصلة إلى الميناء والتي تقدر بسبعة عشر ألف طن، كما تم تركيب خزان نفطي عائم.
ساهم افتتاح ميناء قنا في رفع القدرات المالية والاقتصادية بمحافظة شبوة، وتعزيز الحركة التجارية والاستثمارية في المحافظات الجنوبية والشرقية.
كما ساهم تصدير النفط عبر الموانئ اليمنية إلى إحدا ث تعافٍ نسبي للاقتصاد اليمني حيث وصلت الصادرات النفطية إلى إلى 88 ألف برميل في اليوم في فبراير 2021، بحسب شركة تحليلات البيانات (Kpler).
ووفقاً للبنك المركزي اليمني فإن عائدات اليمن من صادرات النفط الخام سجلت ارتفاعا ملحوظا في 2021، ، حيث بلغت 1.418 مليار دولار.

تهديد للعالم  :
لم يرُق لجماعة الحوثي أن يتعافى الاقتصاد اليمني المتهالك، ولم تكتفي الجماعة بماقد تم نهبه من قبلهم ففي سبتمبر/أيلول الفائت هدد عبدالملك الحوثي زعيم المليشيا الحوثية، شركات البترول الأجنبية من مواصلة التعاون مع الحكومة الشرعية اليمنية لتصدير النفط تلا ذلك تهديد أخر من المتحدث باسم الجناح العسكري للمليشيا داعياً الشركات الأجنبية أخذ تهديداتهم بعين الاعتبار.
في 21 أكتوبر/تشرين الأول عندما كانت ناقلة النفط اليونانية "نيسوس" تستعد للرسو لتحميل مليوني برميل من النفط الخام من محطة الضبة النفطية في محافظة حضرموت أطلق الحوثيون طائرة مسيرة تستهدف تلك السفينة، لم يلحق الاستهداف أي اضرار بالناقة ولا بالميناء بسبب تصدي المضادات الجوية لتلك الطائرة.
بانفجار طائرة مسيّرة في ميناء قنا شرقي منطقة بئر علي في مديرية رضوم في محافظة شبوة شرقي اليمن، مشيراً إلى أنّ ذلك تزامن ووجود سفينة نفطية في الميناء. 
في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وبعد يوم من زيارة السفير الأميركي في اليمن، ستيفن فاجن، لحضرموت أقدم الحوثيون على قصف ميناء قنا النفطي بمحافظة شبوة بطائرة مسيرة.
في الثاني والعشرون من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري قصف الحوثيون بطائرة مسيرة ناقلة "براتيكا" النفطية التي تحمل علم دولة بنما كانت قادمة من سنغافورة لتحميل النفط الخام ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت، للمرة الثانية خلال شهر،ما أدى لتوقف تصدير شحنة نفطية وأضرار بالغة في المرفأ النفطي على البحر العربي.

مواقف متراخية : 
عقب ذلك الاستهداف هددت مليشيا الحوثي من أنها ستنتقل ما أسمته بالضربات التحذيرية لسفن النفط في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية إلى استهدافها بشكل مباشر.
وأكدت جماعة الحوثي لاحقا على لسان مسؤولين تابعين لها أنها أوقفت تصدير 2.1 مليون برميل من النفط الخام من ميناء الضبة جاء ذلك مقارباً لما أفاد به مسؤول محلي في محافظة حضرموت لوكالة الاناضول حول الخسائر المادية التي تسبب بها القصف الحوثي. 
وفي ردود أفعال الحكومة الشرعية اليمنية، اتهم مجلس القيادة الرئاسي، إيران بتورطها بدعم هجمات الحوثيين على استهداف ميناء الضبة النفطي، مشيراً، بأن حطام الطائرات المسيرة المستخدمة في تلك الاعتداءات تثبت تورط النظام الإيراني بدعم تلك الاعمال التخريبية.
وفي اجتماع طارئ أقر مجلس القيادة الرئاسي بتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية وفي اجتماع أخر ي صلة هدد مجلس الدفاع الوطني الذي يضم قادة من المجلس الرئاسي وقادة عسكريين، بالتراجع من كافة الالتزامات بشأن اتفاق ستوكهولم وعناصر الهدنة الانسانية المنهارة.
من جانبها قالت حكومة معين عبدالملك أن مجلس الوزراء وافق على عدد من القرارات في الجانب العسكري والأمني والاستخباري لمواجهة التصعيد الإرهابي الحوثي الخطير لحماية مصالح اليمنيين، والحفاظ على سلامة الملاحة الدولية .
أولى تلك القرارات كانت البدء بإجراءات إحالة جريمة استهداف ميناء الضبة الى الجهات القضائية لمقاضاة قيادات حوثية في المحاكم اليمنية والدولية.
على أرض الميدان أغلقت السلطات المحلية في حضرموت ميناء المكلا مؤقتاً، كما أغلقت طريقا محاذيا لميناء الضبة حتى اشعار أخر، جاء ذلك عقب زيارة للميناء قام بها عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني، ومعه محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي. بحضور قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فائز التميمي.
دول عربية وأجنبية دانت استهداف الحوثيين للموانئ اليمنية من بينها السعودية والبحرين ومصر والكويت ووصف الاتحاد الأوروبي تلك الهجمات بالإرهابية بينما وصفت بعثة اوبنهايم الهجمات بأنها حرب اقتصادية غير مقبولة
وفي كلمة وجهها لمجلس الأمن الدولي قال السفير ريتشارد ميلز نائب ممثل الولايات المتحدة في اليمن أن تلك الهجمات تشكل إهانة للشعب اليمني  والمجتمع الدولي بأسره وأن الحوثيين يحاولون استيراد الوقود سرا من أجل صواريخ متوسطة المدى في الوقت الذي يقومون فيه  بتوجيه ضربات على الموانئ البحرية ومحطات النفط وقطع تدفق الإمدادات الإنسانية والسلع الأساسية عن سكان البلاد.

تهديد مستقبلي: 
تبرر جماعة الحوثي استهدافها لموانئ تصدير النفط اليمنية بانه نابع من حقها في الحصول على عائدات النفط من خلال تقاسم تلك العائدات مع الحكومة الشرعية ويقول الحوثيين على لسان رئيس حكومتهم عبدالعزيز بن حبتور “إذا لم يتم التفاهم معنا لتحويل عائدات النفط إلى البنك المركزي بصنعاء فلن يكون التعامل إلا بالحديد والنار“ 
تلك اللهجة المتغطرسة تقابلها مواقف ضعيفة للحكومة الشرعية بسبب تخاذل التحالف العربي كما يرى الكاتب والباحث الاقتصادي عوض كشميم ويقول في حديثه لـ"موقع النخبة "،"تسعى المليشيات الحوثية إلى لفت الأنظار بأن أهدافها بعد هدنة استمرت ستة أشهر قد تغيرت فبدلا من حفاظها على مكتسبات افتراضية حصلت عليها على المستويات الاقتصادية والسياسية يحاول الحوثيون نهب النفط من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية مستغلة محاولات اقلاق السكينة العامة في حضرموت من قبل عناصر تزعم أنها مساندة للشرعية".
وفي ذات السياق يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر،أن استهداف الحوثيين لموانىء النفط يُعد تحول جديد في مسار الحرب اليمنية،مضيفاً،بأن ذلك الاستهداف سيكون له تداعيات خطيرة.
في حديثه لـ"موقع النخبة"،يرى الصحفي طه بافضل ،بأن" قيادات مليشيات  الحوثي تعاني من ضغوطات المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها وبالأخص الموظفين الحكوميين الذين انقطعت مرتباتهم خلال السنوات الماضية وقد لجات المليشيا بعد ضوء أخضر من إيران إلى توجيه ضربات لموانئ تصدير النفط اليمنية من أجل الضغط على التحالف لعقد اتفاق بالدفع لهم وتغطية ميزانية نفقاته".
يريد الحوثيون توجيه رسائل للتحالف مفادها بأنهم أيرفضون مبادرات تمديد الهدنة لأن موقفهم العسكري قوي وأن الحرب مستمرة على التحالف العربي.
يقول بافضل" المواطن الحضرمي منقسم كعادته: من يؤيد توجه الانتقالي فهو يرى أن هذه الضربات والتهديدات الحوثية تعد تهديد صارخ، وأنها نتيجة لتمادي الحوثي وتراخي التحالف معه والحوثي بذلك ينفذ ما هدد به".
يتوقع الصحفي كشميم أن مليشيات الحوثي لن تكتفي  بتلك الضربات وأن الفترة القادمة ستشهد المزيد من التمادي وهي ذات المشكلة التي ستعاني منها دول التحالف العربي.